تطوّرات الأحداث في القضيّة الفلسطينيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
تطوّرات الأحداث في القضيّة الفلسطينيّة/ واختطاف المستوطنين الثّلاثة
لقد بدا واضحًا أنّ أمريكا تسير قدمًا في تصفية قضيّة فلسطين حيث إنّه عقب انتهاء مدّة المفاوضات الأخيرة والّتي استمرت تسعة أشهر وتخللتها زيارات مكوكيّة، لوزير الخارجية الأمريكيّ جون كيري للمنطقة، كانت من أجل إنضاج خطّة كيري الّتي أطلق عليها "إطار اتّفاق نهائيّ".ومن الرّاجح أنّه تمّ الاتفاق سرًا، بين الأطراف جميعها على خطّة كيري، وخطة كيري هذه كما بدا واضحًا في التّسريبات الّتي نشرتها وزارة الخارجيّة الأمريكيّة في مطلع العام الجاري، ومن جملة ما تمّ تسريبه من خطّة كيري هذه. تفكيك مستوطنات الضّفّة الغربيّة، ونشر قوات دوليّة على امتداد نهر الأردنّ، وتدويل البلدة القديمة من القدس، ووضعها تحت إشراف دوليّ، ومن أجل ذلك زار بابا الفاتيكان المنطقة، ودنّس المسجد الأقصى، ولذلك حصلت المصالحة بين حماس وفتح، وتمّ تشكيل "حكومة الوفاق" ومن أجل ذلك تمّ افتعال عمليّة اختطاف ثلاثة مستوطنين بالقرب من مستوطنة في جنوب الضّفّة الغربيّة مساء الخميس الفائت، وعلى ما يبدو أنّ عملية الاختطاف تمّت بالتواطؤ من الأطراف جميعها سواء أكانت "إسرائيل" أو السّلطة الفلسطينيّة أو حركة حماس، وبعلم من أمريكا ومصر. وهذا بدا واضحًا من تتبّع تفاصيل عملية الاختطاف وردود أفعال الأطراف جميعها.
والسؤال المطروح هنا هو: ما هي الأهداف التي يراد تحقيقها من وراء عمليّة اختطاف المستوطنين الثلاثة؟!
أولا: على الصّعيد الإسرائيليّ. تمكين نتنياهو من الإعداد لتفكيك مستوطنات الضّفّة الغربيّة؛ من خلال اجتياح مناطق الضّفّة الغربيّة، وإراقة دماء الفلسطينيّين، كما فعل سلفه الهالك شارون من قبل فيما يسمّى انتفاضة الأقصى حيث إنّ إسرائيل لا يوجد فيها رجل دولة. وإنّما فيها رجال أحزاب، يلعن بعضهم بعضًا، وتريد أمريكا أن تصنع من نتنياهو رجل دولة؛ من خلال تلميعه؛ حتّى يتمكن من الوقوف في وجه تيّار اليمين، الذي يحول دون الحلّ الأمريكيّ. هذا من جانب، والجانب الآخر هو إنّ عملية الاختطاف تسلّط الضّوء على واقع مستوطنات الضّفّة الغربيّة، الّتي هي برميل بارود قابل للانفجار في كلّ لحظة، وأنّها عبء على دولة يهود؛ وهذا بدا واضحًا من خلال ما نشرته صحيفة هآرتس في استطلاع للرأي، أجراه معهد الاستطلاعات (مأغار موحوت) برئاسة البروفيسور (يتسحاق كاتس)، لصالح جامعة (أريئيل) في مستوطنة (أريئيل) يشير إلى تراجع تأييد الجمهور اليهوديّ في (إسرائيل) للمستوطنين، وأنّ المستوطنات تلحق ضررًا بالعلاقات بين (إسرائيل) والولايات المتّحدة. وسبق ذلك أعمال استفزازيّة للمستوطنين ضدّ الجيش،.وبدا واضحًا أنّ المقصود منها هو إضعاف حالة التّعاطف مع المستوطنين بحيث يسهل إخراجهم مستقبلا من مستوطنات الضّفّة الغربيّة، وتفكيك مستوطنات الضّفّة الغربيّة يمكن أن يكون من خلال انفصال أحاديّ الجانب؛ كما طرح نتنياهو على حكومته بعيد توقيع المصالحة بين حماس وفتح.
ثانيًا: أمّا على الصّعيد الفلسطينيّ فإنّ عملية الاختطاف هي من أجل إيجاد الذرائع من أجل ضرب البنية العسكرية للفصائل الفلسطينية وتصفيتها، وبخاصّة حركة حماس أكبر الفصائل؛ حيث إنّه لا بدّ من بقاء سلاح واحد، وجهاز أمن واحد، وهذا الجهاز وهذا السلاح هو الّذي تمّ بإشراف (الجنرال دايتون) والمخابرات الأمريكيّة.
وبما أنّ حماس ستسير في الحلّ السّلميّ، وستتحول إلى منظّمة سياسيّة، كما أشار خالد مشعل في قمّة الدّوحة، وأنّها ستتخلّى عن السلاح؛ فقد تمّ التواطؤ بين الأطراف جميعًا على إسناد المهمّة القذرة –وهي ضرب البنية العسكرية للفصائل الفلسطينية وتصفيتها- سواء أكان ذلك في الضّفّة الغربيّة أم في قطاع غزّة من قبل كيان يهود؛ حفظًا لماء الوجه، ولأنّهم الأقدر على القيام بمثل هذه المهمّات القذرة.
وكأنّ التّاريخ يعيد نفسه، فما حصل من تصفيات للفدائيين بالأمس، يحصل اليوم للأجنحة العسكريّة للفصائل الفسطينيّة، ولقد صرح (الليفتنانت كولونيل بيتر ليرنر) المتحدّث باسم الجيش الإسرائيليّ: (لدينا عمليًا عمليتان متوازيتان، الأولى: إعادة الفتية.المختطفين الثلاثة. والثانية: توجيه ضربة قاضية للبنى التّحتيّة وللمؤسسات الإرهابيّة لحماس)، ولقد أشارت وسائل الإعلام إلى تصريحات المستشار القانونيّ للحكومة الإسرائيليّة الّتي جاء فيها: (مساء الأربعاء، أجاز المستشار القانونيّ للحكومة، (يهودا فاينستاين)، للأجهزة الأمنيّة التّعاملَ مع عناصر حماس الموقوفين كـ(قنابل بشريّة)، وصرّح (نتنياهو): (إنّ الجهود الرّامية لإعادة الشبّان عمليّة معقّدة، ويجب الاستعداد لاحتمال أن تستغرق وقتًا طويلا، فقواتنا اعتقلت أكثر من مئة من أعضاء حماس في الضّفّة، ونحن الآن بصدد إجراءات أخرى لضرب قواعد هذه الحركة الإرهابيّة).
يتبع
أيّها المسلمون،.ويا أهل فلسطين، إنّ هذا التواطؤ من قبل القيادات والرموز، على أرض الإسراء، وعلى مسرى النّبيّ محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، وعلى أهل هذه البلاد، إجرام ما بعده إجرام، وإثم كبير. نعم إنّه إجرام فظيع، وخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، فإلى متى سنظلّ نلهث وراء هذه القيادات وتلك الرموز؟!! وقد ثبت لنا وللعالم أجمع بما لا يقبل الشّكّ أنّهم مأجورون متواطؤون متآمرون.
فإلى متى سنظلّ ضحيّة للتّضليل السياسيّ، وفريسة سهلة الوقوع في الفخاخ السياسيّة من مؤامرات ودسائس؟!! والى متى ستظلّ دماء أبناء المسلمين تراق هدرًا من أجل تحقيق مشاريع الغرب الكافر؟!! أيّها المسلمون، و يا أهل فلسطين، ألم يحنِ الوقتُ لكي ننفض عنّا غبار سوء التّفكير السّياسيّ؟ ونصرخَ بأعلى أصواتنا (إنّ فلسطين من نهرها إلى بحرها بلد إسلاميّ، لا نقبل بتمزيقه بين كيان يهود، وبين كيان مسخ هزيل لأهل فلسطين، وهذا ضدّ ما أمر الله به من تحريره من براثن يهود وإعادته إلى وضعه الطبيعيّ جزء لا يتجزأ من بلاد الشام (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ.
ثلة من الشباب المسلم في بيت المقدس